دراسات أندلسية وموريسكية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كتاب "المنظرى الغرناطى مؤسس تطوان" تأليف غوثالبيس بوستو، ترجمة ممدوح البستاوى، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن(1)

اذهب الى الأسفل

كتاب "المنظرى الغرناطى مؤسس تطوان" تأليف غوثالبيس بوستو، ترجمة ممدوح البستاوى، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن(1) Empty كتاب "المنظرى الغرناطى مؤسس تطوان" تأليف غوثالبيس بوستو، ترجمة ممدوح البستاوى، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن(1)

مُساهمة  Gamal Abdel Rahman السبت أبريل 18, 2009 2:48 pm

هذا هو الكتاب الثانى للدكتور غوثالبيس بوستو حول الأثر الأندلسى الموريسكى فى المغرب. كان الكتاب الأول بعنوان "الموريسكيون فى المغرب"، وقد نشره المجلس الأعلى للثقافة منذ نحو عامين، وكان يتناول الوجود الموريسكى فى المغرب بشكل عام. أما هذا الكتاب فهو يتحدث عن منطقة مغربية محددة هى تطوان، ويذكر أن قائدا أندلسيا هو الذى أعاد بناء المدينة بعد أن كانت أطلالا.
لم يكن سقوط غرناطة مفاجئا للمتابعين لتطور الأحداث فى شبه جزيرة إيبيريا فى نهاية القرن الخامس عشر، وقد ذكرنا فى مقدمة الكتاب الأول للمؤلف أنه بعد سقوط دولة الإسلام فى الأندلس –بل وقبيل السقوط- كانت الهجرة إلى بلد إسلامى تعد فى كثير من الأحوال هى الحل الأنسب، فقد رأى نبلاء غرناطة أن الأمور فى بلدهم تسير من سيئ إلى أسوأ وأن دولة الإسلام منهارة لا محالة، ولم يكن من الممكن آنذاك عمل أى شئ يوقف زحف الملك الكاثوليكى.

ذكرنا أيضا أن تلك الهجرة كانت لها نتائج ملموسة، سواء على الذين هاجروا، أو على بعض البلاد التى هاجروا إليها. وتعرض لنا صفحات الكتاب بعضا من هذه النتائج: لقد أعاد فارس غرناطى مهاجر تأسيس مدينة مغربية.

*******
تعتبر قصة "ابن سراج وشريفة الجميلة" من أهم القصص الموريسكية وأجملها. القصص الموريسكية هى التى تتحدث عن الموريسكيين بإعجاب، وقد اختلف النقاد حول شخصية مؤلفها، فمنهم من قال إنه مسيحى دفع له النبلاء مالا حتى يظهر الموريسكيين بشكل طيب فيتعاطف معهم الناس وهكذا لا يتم طردهم من إسبانيا، ومنهم من رأى أن المؤلف موريسكى أراد أن يدافع عن بنى وطنه وأن يظهر إيجابياتهم كرد على كتب الأدب الإسبانى التى يظهر فيها المسلم بشكل سلبى. (1)
لن نتوقف الآن عند هذه القضية رغم أهميتها، لكننا نوجز القصة.
كان الفتى المسلم "ابن الرئيس" وهو من بنى سراج فى طريقه للقاء خطيبته "شريفة" الجميلة، وكان يتعين عليه أن يمر بمنطقة يسيطر عليها المسيحيون. يعترضه فرسان مسيحيون، فيصرع منهم ثلاثة، ويفر الرابع طلبا للنجدة من القائد نارباييث. يأتي القائد ويبارز الفارس المسلم فيصرعه " لأنه كان جريحا وكان قد فرغ لتوه من مبارزة ثلاثة فرسان". يقول ابن سراج للقائد المسيحي إنه انتصر عليه، لا لتفوقه في القوة، ولكن لأن الله أراد أن يمنعه من رؤية محبوبته. يعجب القائد المسيحى بشجاعة الفتى المسلم ويدور بين الاثنين حوار. يقص ابن سراج على القائد المسيحي أنه يحب شريفة وأنه كان في الطريق إليها ، فيعرض عليه القائد أن يطلق سراحه لمدة ثلاثة أيام يعود بعدها إليه. ينصرف ابن سراج ويلتقي بمحبوبته ويتزوجها، ويعود- ومعه زوجته- إلى الأسر. يعجب القائد المسيحي بوفاء المسلم فيطلق سراحه بلا فدية. يتوجه الزوجان إلى بلدهما ويرسلان إلى القائد المسيحي هدية تتكون من أسلحة وجياد وعملات ذهبية. يقبل القائد المسيحي الأسلحة والجياد "للدفاع عن الزوجة المسلمة ضد الأخطار التي قد تتهددها" ويرد إليهما العملات الذهبية شاكرا. تنشأ بين المسلم والمسيحي صداقة تدوم مدى الحياة.(2)

هذه القصة، التى يبدو وكأنها لا يمكن أن تحدث إلا فى عالم الخيال، تستند إلى واقع تاريخى ، وقد كتب البروفيسور لوبيث استرادا بالفعل أن هذه القصة الجميلة ما كان لها أن تصل إلى عالم الأدب لولا أن لها أصلا تاريخيا. على أن جهود ذلك العالم الإسبانى فى التوصل إلى حقيقة الأمر ذهبت سدى، فالراوي يزعم أن الأحداث وقعت فى آلورا وأن القائد المسيحى اسمه نارباييث... إلخ. يستعرض لوبيث استرادا التاريخ الإسبانى فيكتشف أن أنتيكيرا ظلت إسلامية حتى عام 1410وقد تولى قيادتها نارباييث، وبالتالى فلا يمكن أن يكون قائدا لأنتيكيرا وآلورا -التى كانت إسلامية حتى عام 1482 - فى آن واحد. يخلص استرادا فى النهاية إلى أن التاريخ المشار إليه فى القصة لا يتفق مع الوقائع الموثقة، لكنه يؤكد –كما أشرنا – وجود حدث تاريخى استند إليه مؤلف القصة الموريسكية. ما هو الحل إذن؟

الكتاب الذى بين يدينا الآن يجيب على تساؤلاتنا، إذ يحدثنا عن عروس غرناطية استوقفتها مجموعة جنود إسبان مسيحيين وهى فى طريقها لكى تزف إلى زوجها الفارس المسلم فى المغرب. وقد تحلى القائد المسيحى بشيم الفرسان وأفرج عن العروس التى واصلت طريقها. اعتبارا من ذلك التاريخ نشأت علاقة ودية بين فارسين نبيلين ، أحدهما مسيحى إسبانى ، والآخر مسلم غرناطى كان قد هاجر لتوه إلى المغرب.
أما الفارس المسيحى فهو السيد إنييغو لوبيث دى ميندوثا، ماركيز مونديخار وكونت تينديا، والمسلم الغرناطى هو أبوالحسن على المنظرى، قائد قلعة بينيار الغرناطية الذى أسس أو أعاد تأسيس مدينة تطوان المغربية، والفتاة التى ظهرت فى القصة الموريسكية إذن هى النموذج الأدبى لفاطمة خطيبة على المنظرى.

*******
فى السطور التالية نعرض بإيجاز شديد مضمون فصول الكتاب. الفصل الأول يتناول جغرافية تطوان وما حولها، وهى الساحة التى ستجرى عليها الأحداث بعد وصول الموريسكيين المطرودين من إسبانيا أو قبيل سقوط غرناطة. يتوقف المؤلف كذلك عند الفترة السابقة على وصول الأندلسيين. ويتحدث الفصل الثانى عن تاريخ غرناطة فى الفترة التى سبقت سقوطها مباشرة حتى يتعرف القارئ على المنظرى الذى كان أحد قواد جيش أبى عبد الله الصغير، ويخلص المؤلف إلى القول بأن المنظرى قد رحل عن إسبانيا قبل سبتمبر عام 1485. يتحدث المؤلف كذلك عن عائلة المنظرى استنادا إلى مصادر إسبانية وبرتغالية، بالإضافة إلى مؤرخين عرب مثل لسان الدين بن الخطيب والمقرى صاحب "نفح الطيب".
الفصل الثالث يحدثنا عن خطيبة المنظرى الغرناطية-وهى فاطمة ابنة بن كماشة وقريبة الملك أبى عبد الله الصغير- التى تعرضت للأسر وهى تعبر نهر شنيل ولم يكن برفقتها سوى بعض الخدم. فور علم المسلمين الغرناطيين بما حدث أطلقوا سراح فارس مسيحى لكى يبلغ كونت تينديا استعداد ملك غرناطة لدفع فدية مقابل إطلاق سراح العروس. إزاء هذا الاهتمام يطلق القائد المسيحى سراح العروس دون فدية، وهى بادرة كان لها صدى كبير فيما بعد. يتحدث الفصل الثالث كذلك عن زوجة أخرى للمنظرى، مغربية هذه المرة، وهى ست الحرة ابنة على بن راشد - صاحب السلطان الفعلى على المنطقة الغربية من شمال المغرب آنذاك- التى سيكون لها شأن عظيم فى تاريخ تطوان.
الفصل الرابع يحدثنا عن النشاط الجهادى للمنظرى –استنادا إلى مصادر برتغالية- ضد البرتغال وإسبانيا برا وبحرا، ويخصص المؤلف جانبا من الفصل للحديث عن القرصنة (من وجهة نظر المؤرخين الإسبان) أو الجهاد البحرى (من وجهة نظر المؤرخين العرب) (3)، وكيف أن فك أسر المسيحيين الإسبان كان يكلف الدولة الإسبانية مبالغ طائلة كانت تدخل فى خزانة أصحاب السلطة فى المغرب.
الفصل الخامس يتناول إدارة المنظرى لشئون تطوان بعد إعادة تأسيسها، وكيف أن بن راشد –والد ست الحرة (4) *- ساعده فى ذلك. يذكر المؤلف أن المنظرى ظل يحكم المدينة دون منازع حتى تقدم فى العمر وفقد بصره. يتحدث المؤلف عن يأس كل من المنظرى وبن راشد فى الحصول على الاستقلال المطلق عن فاس، ويقول إن هذا أدى إلى إجرائهما محادثات مع البرتغاليين بهدف توفير سفن تسمح لهما ولعائلتيهما بالرحيل إلى تونس وتسليم مدينة تطوان للبرتغاليين. يقول المؤلف إن لديه وثائق تثبت ما يقول، لكننا لا نملك سوى إبداء التحفظ إزاء ما يذكره، فهو لا يعرض وثيقة وقعها المنظرى أو بن راشد، ثم إننا لا نطمئن كثيرا لكتابات المؤرخين الأوروبيين فى ذلك العصر (انظر على سبيل المثال حديثهم عن الذهب الكثير الموجود فى المغرب والعصا السحرية التى تدل على مكانه)
الفصل السادس يتحدث عن العلاقة بين القادة فى شمال المغرب وإسبانيا. يعرض المؤلف وثيقة عبارة عن محضر شرعى قام بمقتضاه أشخاص رسميون إسبان مسيحيون بتنفيذ حكم الإعدام فى مواطنين مسيحيين إسبان مقيمين فى مدينة ترغة. يرى المؤلف أن قيام رسميين مسيحيين بتنفيذ حكم الإعدام فى بلد مسلم لم يكن ممكنا دون اتفاق مسبق بين السلطات فى إسبانيا والمغرب. يتحدث كذلك عن وجود اتصالات بين ثافرا وبن راشد ، وبين كونت تنديا والمنظرى. يعرض رسائل متبادلة بين أولئك القادة.
الفصل السابع يتحدث –استنادا إلى مصادر برتغالية وقشتالية- عن محاولة ملك إسبانيا غزو فاس. يذكر المؤلف أن البرتغال كانت تعارض دائما أى تدخل إسبانى فى فاس، ولهذا أخفى الملك الكاثوليكى نيته عن الجميع تقريبا وأراد أن يقود الحملة بنفسه. يسوق المؤلف أدلة على أن الحملة كانت موجهة إلى فاس رغم أن المصادر الإسبانية لا تكاد تذكر شيئا عن هذا الموضوع.
الفصل الثامن يتحدث عن السنوات الأخيرة التى عاشها المنظرى ثم وفاته. يفرد المؤلف صفحات للحديث عن صداقة جمعت بين القائد الغرناطى والراهب كونتريراس. يتحدث بعد ذلك عن ست الحرة التى حكمت تطوان بعد وفاة المنظرى.
الفصل التاسع يتحدث عن آثار عائلة المنظرى فى غرناطة بعد سقوط دولة بنى نصر، فيعرض وثائق تتحدث عن أملاك عائلة المنظرى وعن أن أحد أفراد العائلة استطاع تهدئة ثورة أقرانه من الموريسكيين.
الفصل العاشر يتحدث عن آثار المنظرى فى تطوان ومن بينها برج أو قلعة المنظرى، وبوابات سور مدينة تطوان، وضريح القائد الغرناطى.
يتضمن الكتاب عدة ملاحق وثائقية: وثيقة برتغالية تتحدث عن انهيار مدينة تطوان قبل أن يعيد المنظرى تأسيسها، ووثيقة ثانية تتحدث عن زوجة المنظرى، فاطمة الغرناطية، ووثيقة ثالثة تؤكد وفاة المنظرى فى أواخر عام 1540 أو أوائل عام 1541، أما الملاحق من الرابع إلى السادس فهى تعرض وثائق خاصة بممتلكات عائلة المنظرى فى إسبانيا وتعود إلى الفترة ما بين عامى 1544 و 1576.

Gamal Abdel Rahman
Admin

المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 23/09/2008

https://estudiosmoriscos.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» كتاب "المنظرى الغرناطى مؤسس تطوان" تأليف غوثالبيس بوستو، ترجمة ممدوح البستاوى، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن(2)
» كتاب "الموريسكيون فى المغرب" تأليف غوثالبيس بوستو، ترجمة مروة ابراهيم، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن(2)
» كتاب "الموريسكيون فى المغرب" تأليف غوثالبيس بوستو، ترجمة مروة ابراهيم، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن
» كتاب" المهاجرون الأندلسيون" تأليف مرثيديس غارثيا أرينال، ترجمة محمود فكرى، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن
» كتاب" محاكم التفتيش والموريسكيون" تأليف مرثيديس غارثيا أرينال، ترجمة خالد عباس، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن (1)

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى